م

06/12/2025



/ الفَائِدَةُ : (158) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ تُطيعهم وتواليهم جملة المخلوقات وفي كُلِّ العوالم/ إِنَّ ما ورد في بيانات الوحي والثَّابت في البراهين الوحيانيَّة والعقليَّة ، منها : أَوَّلاً : بيان أَمِير الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « ... ويطيعنا كُلّ شيءٍ حتّىٰ السَّماوات والأَرض ، والشَّمس والقمر والنجوم ، والجبال والشَّجر والدواب والبحار ، والجنَّة والنَّار ... ومع كلّ هذا نأكل ونشرب ونمشي في الأَسواق ... »(1). ثانياً : بيان الإِمام الباقر صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، عن أَبي حمزة ، قال : « قال له رجل : كيف سُمِّيت الجمعة ؟ قال : إِنَّ اللّٰـه (عَزَّ وَجَلَّ) جمع فيها خلقه لولاية مُحمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ووصيِّه في الميثاق ، فسمَّاه يوم الجمعة ؛ لجمعه فيه خلقه »(2). ثالثاً : بيان إِمضاء الإِمام الصَّادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، عن وهب بن منبّه ، قال : « إِنَّ موسىٰ عَلَيْهِ السَّلاَمُ نظر ليلة الخطاب إلى كلِّ شجرةٍ في الطُّور ، وكلّ حجرٍ ونباتٍ ينطق بذكر مُحمَّد واثني عشر وصيّاً له من بعده ، فقال موسىٰ : إِلٰهيّ ، لا أَرىٰ شيئاً خلقته إِلَّا وهو ناطق بذكر مُحمَّد وأوصيائه الاثني عشر ، فما منزلة هؤلاء عندك ؟ قال : يابن عمران ، إِنِّي خلقتهم قبل أَنْ أخلق الأَنوار ، خلقتهم في خزانة قدسي ، ترتع في رياض مشيِّتي ، وتتنسَّم من روح جبروتي ، وتشاهد أَقطار ملكوتي حتَّىٰ إِذا شئتُ بمشيَّتي أَنفذتُ قضائي وقدري ، يابن عمران ، إِنِّي سبَّقت بهم السِّبَّاق حتَّىٰ أُزحزح بهم جناني ، يابن عمران ، تمسَّك بذكرهم ؛ فإِنَّهم خزنة علمي ، وعيبة حكمتي ، ومعدن نوري . قال حسين بن علوان : فذكرتُ ذلك لجعفر بن محمَّد عَلَيْهِ السَّلاَمُ فقال : حَقٌّ ذلك ... »(3). رابعاً : بيانه صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيضاً : « ... والَّذي نفسي بيده ، لملائكة اللّٰـه في السَّماوات أَكثر من عدد التراب (في الأَرض) ، وما في السَّمآء موضع قدم إِلَّا وفيها ملك (يُسبح للّٰـه ويُقدِّسه) ، ولا في الأَرض شجرة ولا مِثْل غرزة إِلَّا وفيها ملك موكّل بها ؛ يأتي اللّٰـه كلّ يومٍ بعملها(4) ـ واللّٰـه أعلم بها ـ وما منهم أحد إِلَّا ويتقرَّب إِلى اللّٰـه في كُلِّ يومٍ بولايتنا أَهل البيت ، ويستغفر لمحبّينا ، ويلعن أَعدائنا ، ويسأل اللّٰـه أَنْ يُرسل عليهم العذاب إِرسالاً »(5). خامساً : بيانه صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيضاً ؛ مُخَاطِباً رجلاً من أهل اليمن : « ... علم عَالِم المدينة ... يسير في ساعة من النهار مسيرة الشَّمس سنة حتَّىٰ يقطع اثنىٰ عشر أَلف عَالَم مثل عَالمَكم هذا ، وما يعلمون أَنَّ اللّٰـه خلق آدم ولا إبليس ، قال : فيعرفونكم ؟ قال : نعم ، وما افترض عليهم إِلَّا ولايتنا ، والبراءة مِنْ عدونا »(6). سادساً : بيان زيارة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ : « ... يا آل رسول اللّٰـه ... يتقرَّب أَهل السَّمآء بحبِّكم ، وبالبراءة من أَعدائكم ، وتواتر البكاء على مصابكم ، والإِستغفار لشيعتكم ومحبّيكم ... »(7). براهينٌ وحيانيَّةٌ دالَّةٌ ـ بمعونة بيانات الوحي الاخرى ـ على : أَنَّ جملة المخلوقات طائعة ومُسلِّمة للّٰـه (تَعَالَى ذِكْرُهُ) تكويناً ، شعرت بذلك المخلوقات أَم لا. فانظر : بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان قوله تبارك وتعالىٰ : [ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا ] (8). 2ـ بيان قوله جلَّ قوله : [ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ](9). وحيث إِنَّ أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ هم الوسيلة والواسطة الإِلٰهيَّة الحصريَّة بينه (جلَّ شأنه) وبين سائر العوالم وجملة المخلوقات ، ولا يمكن وصول مخلوق أَو شأن من شؤونه وأَعماله وعباداته قَطُّ إِلى ساحة القدس الإِلٰهيَّة إِلَّا من خلال إِطاعتهم صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِم والتَّشَبُّث بهم تكويناً ، وقد ثبت ـ فيما تقدَّم ـ : أَنَّ جملة المخلوقات طائعة وساجدة وذاكرة ومسبحة دائماً للّٰـه تكويناً ، فتكون جميعها طائعة تكويناً لأَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بالتَّبع ، شعرت بذلك المخلوقات أَم لا. مضافاً : أَنَّه ثبت في الأَبحاث السَّابقة : أَنَّ طبقات حقائق أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الصَّاعدة بعدما كانت حقيقتها فانية في حكاية الذَّات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة انعكست فيها جميع شؤون وصفات وأَسمآء الذَّات المُقدَّسة إِلَّا الأُلوهيَّة ، ومن شؤون الذَّات المُقدَّسة : أَنَّه أَسلم للّٰـه ما في السَّماوات والأَرض كذلك يكون شأن طبقات حقائق أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الصَّاعدة ، فتامل جيدا . وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 26 : 7/ح1. (2) المصدر نفسه ، 55 : 370. الكافي ، 3 : 415. (3) بحار الأَنوار ، 26 : 308 ـ 309/ح73. المحتضر : 151. (4) خ . ل : (بعلمها). (5) بصائر الدرجات ، 1 : 152 ـ 153/ح283 ـ 9. تفسير القمي ، 2 : 255. (6) بصائر الدرجات ، 2 : 270/ح1433 ـ 16. الاختصاص : 319. (7) بحار الأَنوار ، 99 : 164. (8) آل عمران : 83. (9) التغابن : 1. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ / الفَائِدَةُ : (159) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / عدم إِطاعة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ومخالفتهم جاهلية أُولى/ / العبادة من دون التَّوسُّل بأَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ شرك وكفر جليّ أَو خفي/ إِنَّ ما ورد في بيانات الوحي ، منها : أَوَّلاً : بيان الإِمام الباقر صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، عن الفضيل بن يسار ، قال : «نظر إِلى النَّاس يطوفون حول الكعبة فقال : هكذا كانوا يطوفون في الجاهليَّة ، إِنَّما أُمروا أَنْ يطوفوا ثُمَّ ينفروا إِلينا ، فيعلمونا ولايتهم ، ويعرضون علينا نصرهم ...»(1). ثانياً : بيان الإِمام الصَّادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، عن عبد الرحمٰن بن كثير ، قال : «حججتُ مع أَبي عبداللّٰـه عَلَيْهِ السَّلاَمُ ؛ فلَمَّا صرنا في بعض الطَّريق صعد على جبلٍ ؛ فأشرف فنظر إِلى النَّاس ، فقال : ما أَكثر الضَّجيج وَأَقلّ الحجيج ؟ فقال له داود الرقِّيّ : يابن رسول اللّٰـه ، هل يستجيب اللّٰـه دعاء هذا الجمع الَّذي أَرىٰ؟ قال : ويحكَ يابا(2) سليمان ! إِنَّ اللّٰـه لا يغفر أَنْ يُشْرَكُ به ، إِنَّ الجاحد لولاية عَلِيّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كعابد وثن ...»(3). براهين وحيانية دالة ـ بمعونة بيانات الوحي الاخرى ـ على : أَنَّه بعدما تقدَّم بيان مدىٰ قرب والتصاق طبقات حقائق أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الصَّاعدة وتتبعها طبقاتها المتوسُّطة والنَّازلة بالحضرة الرُّبوبيَّة ؛ تكون العبادة وسائر أَعمال المخلوقات وشؤونها من دون توسُّط أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ : عبادة أَوثان ، وكفر وشرك وإِلحاد باللّٰـه تعالىٰ ، وحيادة عنه جلَّ قدسه في مقام الولاية والحاكميَّة الإِلٰهيَّة ، ومقام تطبيق الأَحكام الإِلٰهيَّة ، كـ : كفر وشرك وإِلحاد وحيادة الجاهليَّة الأُولىٰ . وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 65 : 87/ح12. تفسير العياشي ، 2 : 234. (2) خ . ل : (يا أَبا). (3) بصائر الدرجات ، 2 : 190 ـ 191/ح 1285ـ 15. الاختصاص : 303. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ / الفَائِدَةُ : (160) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / المقصود من عنوان (التَّبَرِّي من أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) الوارد في بيانات الوحي/ / للتقيَّة حَدّاً وهو أَنْ لا تَمْسِخ هوية المُتَّقي/ إِنَّ عنوان: (التَّبرِّي) الوارد في بيانات الوحي ـ منها: 1ـ بيان أَمِير الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : «ستدعون إٍلى سبِّي فسبُّوني، وتدعون إِلى البراءة منِّي فمدُّوا الرِّقاب؛ فإِنِّي علىٰ الفِطْرَة». بحار الأَنوار، 39: 315/ح11. أَمالي الطوسي: 131. 2ـ بيانه صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيضاً : «أَلَا إِنَّكم ستعرضون علىٰ سبِّي؛ فإِنْ خفتم علىٰ أَنفسكم فسبُّوني، أَلَا وَإِنَّكم ستعرضون علىٰ البراءة منِّي فلا تفعلوا فإِنِّي علىٰ الفِطْرَة». بحار الأَنوار، 39: 316/ح13. أَمالي الطوسي: 232. ـ ليس معناه: التَّبرِّي لساناً، بل التَّبرِّي هويَّة، فلا يحقُّ للمخلوق ـ وإِنْ كان في ظرف التقيَّة ـ تغيير هويَّته عن هويَّة أَمِير الْمُؤْمِنِينَ وسائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ؛ فإِنَّهم وُلِدُوا علىٰ الفِطْرَة ـ دين الإِسلام، دين سَيِّد الْأَنْبِيَاء والعترة الطَّاهرة (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِم) ـ. ومعناه: أَنَّ هويَّة المخلوق إِذا لم تكن علىٰ هويَّة أَمِير الْمُؤْمِنِينَ وسائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فلا يكون علىٰ الفِطْرَة، ومن ثَمَّ يكون مصيره إِلى لظىٰ وبئس المهاد. ومنه يتَّضح: أَنَّ للتَّقِيَّة حُدُوْداً، وهي: أَنْ لا تمسخ ـ التَّقيَّة ـ هويَّة المتَّقِي؛ كما حصل لكثير من المؤمنين في بعض المناطق والدُّوَل، فإِنَّهُم أَخفوا هويَّتهم الإِيمانيَّة بذريعة التَّقيَّة، وأَخفوها علىٰ أَولادهم وَأَحفادهم فَمُسِخَت هويَّتهم الإِيمانيَّة وتبدَّل دينهم، بل كثيرٌ منهم يتَّخِذ من ظرف التقيَّة ـ والعياذ بالله تعالىٰ ـ ذريعة لَمحْوِ لُبّ إِيمانه. وهذه الأَنحاء ـ من التَّقيَّة ـ لا تجوز شرعاً، ومن ثَمَّ يجب علىٰ المؤمن الخروج عن هذه البيئة، وإِنْ لم يتمكَّن فمدُّ الرِّقاب هو المُحَكَّم شرعاً لا التَّقيَّة. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ .